يروي روب كوبلاند وفيفيان نيريم في هذا التقرير كيف يظهر محمد بن سلمان في واشنطن بصورة القوة المالية اللامعة، بينما تتحدث دوائر الرياض وول ستريت عن واقع أكثر تعقيدًا يطوّق صندوق الاستثمارات العامة، الذراع الاستثمارية الأهم للمملكة. يصوّر الكاتبان مشهد الزيارة الأخيرة للبيت الأبيض باعتباره استعراضًا اعتياديًا للعلاقة مع الرئيس دونالد ترامب ونخبة الصناعة الأمريكية، مع وعد باستثمار تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي دون تفاصيل واضحة.
في الفقرة التالية يبرز مصدر التقرير، منصة النيويورك تايمز، كمرجعية تتابع خلف الكواليس ما يمر به الصندوق من ضغوط هيكلية رغم امتلاكه أصولًا تقترب من تريليون دولار، حيث تتسرب مخاوف من تقلص قدرته على ضخ استثمارات جديدة في المدى المنظور.
واقع استثماري مثقل بالمشاريع المتعثرة
تتناقل أوساط مطلعة أن جزءًا كبيرًا من أموال الصندوق ذهب لمشاريع تئن ماليًا. يبرز مشروع نيوم بوصفه المثال الأوضح، حيث حلم منطقة مستقبلية تضم عمالًا آليين ومنتجعات تزلج وشواطئ رخامية، بينما تراكمت التأخيرات وارتفعت التكاليف. تتراكم كذلك استثمارات تقليدية لم تقترب من الاكتمال، مثل سلسلة مقاهٍ بفرع وحيد، وخط رحلات بحرية بسفينة يتيمة، وشركة سيارات كهربائية لم تسلم مركبة بعد.
تواجه المملكة في الوقت نفسه قيودًا على ضخ النفط نتيجة اتفاقات جيوسياسية وانخفاض أسعار الخام، ما يدفع الميزانية نحو عجز متزايد وتمويل بالدين لتغطية التزامات داخلية. يحتفظ الصندوق بأصول كبيرة لكنها مربوطة في استثمارات صعبة التسييل ولا تتوافر لها تقييمات عامة، بينما يؤكد متحدثوه توافر سيولة معتبرة قياسًا بالمعايير الإقليمية.
إعادة الهيكلة وتبدّل الفلسفة الاستثمارية
ينشط الصندوق خلف الستار في إعادة تشكيل عملياته تحت إشراف ولي العهد، مع إقالة قادة مشاريع متعثرة وتقليص توقعات العوائد لمنتجعات فاخرة على البحر الأحمر تعاني ضعف الإشغال. تلوح أيضًا نية التحول نحو استثمارات أكثر تقليدية في الأسهم والسندات المدرجة، مع طموح مضاعفة الحجم إلى تريليوني دولار خلال خمس سنوات، رغم غموض مصادر النمو بين عوائد السوق ومساهمات حكومية جديدة.
برزت في الشهور الأخيرة رهانات على شركات الذكاء الاصطناعي، واستثمار كبير سعى لحصة مسيطرة في شركة الألعاب العملاقة إلكترونيك آرتس، مع تبرير طويل الأمد للعائد المتوقع، وسط إشارات غير رسمية إلى شغف ولي العهد بعالم الألعاب.
النفوذ والرمزية وملامح الضيق المالي
تحول الصندوق منذ 2015 من كيان محدود التأثير إلى أداة مركزية في توسع نفوذ ولي العهد، مدعومًا بضخ نقدي وقروض وتحويلات من مبيعات النفط، إضافة إلى أصول صودرت في حملة سميت مكافحة الفساد. ارتفع عدد موظفيه إلى الآلاف، وتوسعت استثماراته لتشمل حصصًا في شركات أمريكية كبرى وقطاعات رياضية عالمية، مع مكاسب بارزة من رهانات سوقية خلال فترات الاضطراب.
تتجسد رمزية القوة في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” بالرياض، حيث يتقاطر صناع القرار العالميون. غير أن مؤشرات دقيقة كشفت تغيّر النبرة: شروط جديدة تضعها إدارة الصندوق لأي تمويل إضافي، تربط بين ضخ الأموال ومساندة استثمارات قديمة أو إعادة توجيه جزء من التمويل إلى شركات سعودية خاصة، بما يعزز مكانة المشاريع المملوكة للصندوق. يصف متحدث رسمي الأمر على أنه تشجيع لا اشتراط، لكن الرسالة تصل واضحة إلى المستثمرين.
حتى الشركة المنظمة للمؤتمر، والمملوكة بأغلبية للصندوق، جرى البحث عن مشترٍ خارجي لها دون نجاح، قبل التوجه لإدراجها في السوق السعودية. يقرأ مراقبون هذه الوقائع باعتبارها إشارات على دورة تصحيح حتمية، تتطلب تقييمًا أدق لما نجح وما إخفق، وصياغة نهج أكثر تحفظًا لتحقيق توازن بين الطموح والواقعية.
بهذه الصورة، يقدّم التقرير لوحة مركبة: مظهر قوة واستثمارات هائلة، يقابله عبء مشاريع ثقيلة وسيولة أكثر حذرًا، مع سعي متواصل لإعادة ضبط البوصلة الاستثمارية على أسس تحقق أثرًا اقتصاديًا واجتماعيًا على مدى طويل.
https://www.nytimes.com/2025/11/19/business/pif-saudi-arabia-fund-problems.html

